Menu

10. تنظيم العمل

تسير الصحافة تبعاً لوتيرة الأخبار. والأخبار لا تتوقف. الصحافة لا تعرف الإرجاء أو التمهل. من أجل ممارسة هذه المهنة، ينبغي التمتّع بصحة جيّدة، وعيش حياة متوازنة بين العمل والراحة، والتعلّم من العمل بسرعة، مع المحافظة على الهدوء. سواء كان الصحافي يعمل بمفرده أو عضواً ضمن فريق تحرير كبير، يقوم بتنظيم عمله بطريقة تتلاءم مع القيود المفروضة عليه على مدار الساعة.

التحلّي بالانضباط الشخصي يعني احترام عمل الآخرين

1- احترام متطلبات الطول. إذا كانت المقالة أطول ممّا كان مخططاً لها، فهذا مضيعة لوقت الجميع: بالنسبة إلى الشخص المسؤول عن تقصير المقالة، وبالنسبة إلى مَن عليه كتابتها، وبالنسبة إلى المسؤول عن الطباعة، ومَن يتوجب عليه نشرها.

  • اعتبر المحاولة الأولى للمقالة كمسودة، ومن ثمّ إعادة القراءة مع وجوب حذف أي معلومات غير ضرورية من أجل احترام الحدود المفروضة، سطراً بسطر وكلمة بكلمة.
  • حذف أي معلومات غير مهمة في نص ما يعني إزالة كل ما هو غير ضروري لفهم النص: النعوت، وظروف الحال، وأدوات التعريف المحدّدة وغير المحدّدة التي تتكرّر، فضلاً عن أحرف العطف، إلخ.
  • من أجل توفير عدد من الكلمات وعدد أكبر من الحروف، لن نكتب: “حطّ يوليوس قيصر الشرّير رحاله ليلاً، بأسلحته اللامعة، وجذوعه الثقيلة وأوانيه الشخصية، بل نكتب: “حطّ يوليوس قيصر رحاله مع الأسلحة والأمتعة…”. فاحترام القيود المفروضة يُسهم دوماً في تحسين جودة العمل المُنجَز.

2- احترام المواعيد النهائية. إنّ التأخير في تسليم المقال يولّد سلسلة من التوتّرات لجميع الأفراد المنخرطين في هذا العمل: فشل التدقيق، التعجل في عمليات التصحيح، مخاطر حدوث خطأ في المحتوى، وتعقد عملية الإنتاج، وصعوبات النشر.

  • اعتبار أن احترام المواعيد النهائية المفروضة لتسليم النص الذي تكتبه أكثر أهمية من محتوى النص ذاته. يداهمني الوقت، فأكتفي بالضروري في صياغة نصّي. وعند الاقتضاء، أُكمل الصياغة في وقت لاحق، في عدد آخر. فتسليم نسخة قصيرة وغير مكتملة، في الموعد المحدّد، أفضل من تسليم نسخة طويلة وكاملة، لكنْ بعد انقضاء المهلة المحدّدة.

3- احترام زملائي في الفريق. إنّ العمل ضمن فريق ليس سهلاً حين يكون مؤلفاً من شخصيات تميل إلى العمل الفردي كونها مُعتادة على صياغة المقالات بمفردها. يتطلّب ذلك التمتّع بصفات معيّنة: معرفة كيفية الإنصات إلى الزملاء في الفريق، وطريقة تقاسُم المعلومات، وفهم أفكار الآخرين، وتقبُّل الحلول الوسط التي يتم التوصل إليها. لا يسير الإنتاج اليومي للأخبار حسب المزاج، بل يتطلّب ذلك توزيع المهام اليومية بشكل منظَّم.

  • يجب أن نضع نصب أعيننا دائماً أنّ أفضل الكتّاب الفرديّين ليسوا بطبيعة الحال أفضل ضابطي الإيقاع. فالصحافي الذي يحتلّ مكانة تراتبيّة، سواء كان المدير، أو رئيس التحرير، أو مدير قسم ما أو نائب المدير، يجب أن يعرف كيفية إدارة الفريق وتحفيزه وقيادته وتفويضه أحياناً ليتولى جزءاً من مسؤولياته. هذه أمور يمكن تعلّمها أيضاً.

هناك وصفة مجربة ناجحة: وهي ترسيخ مبدأ أنّ ما من أحد موجود ضمن فريق الصحافيين يمتلك للأبد وظيفته في الهيكل التنظيمي.

التمتّع بنظام جماعي يعني الخروج بصحيفة أفضل

الانضباط الذاتي هو شرط لا غنى عنه لضمان إنتاج جماعي عالي الجودة. لكنّ كافة طرق تنظيم عمل الصحافيين لا تعطي النتائج نفسها. فأفضل الطرق هي تلك التي تمنح الصحافي إمكانية التحكّم بشكل مطلق في إنتاجه اليومي.

  • التنظيم الحرفي

هناك مستويان: مستوى القيادة التي تُصدر الأوامر ومستوى القائمين على تنفيذ هذه الأوامر. تكون كافة السلطات في يد صحافي واحد، يكون بصفة عامة هو مالك الصحيفة. فهو يجمع بين مهام الإدارة ورئاسة التحرير، ويوظّف بعض الصحفيين متعدّدي المهام، ويقوم بتوزيع العمل حسب ما يتراءى له.

المزايا: وجود فريق عمل متجانس، وملتحم، وداعم، ووَدود.
العيوب: ممارسة السلطة بطريقة أبويّة، وخطر الوقوع في الممارسات الروتينية، وضعف احتمال الترقي الداخلي، وغياب التنوّع في المحتوى.

  • الهيكل التنظيمي الهرمي

أربعة مستويات: مستوى الرئيس التنفيذي المؤسسة، ومستوى القائم بإعطاء الأوامر، ومستوى المديرين المسؤولين عن تطبيق الأوامر، ومستوى باقي الموظفين الذين يتولون عملية التنفيذ. تتركّز المسؤوليات في قمّة الهرم. يقوم كبير الصحافيين بتسمية رئيس التحرير الذي يختار بدوره عدداً من المساعدين له، ويوكلهم لتشغيل الإدارات أو الأقسام التي تضمّ صحافيين متعدّدي التخصصات والمهارات.

المزايا: فريق عمل منظَّم، ومتماسك، ومنضبط، وفعّال.
العيوب: خطر إساءة استغلال السلطة، وسيادة الفكر الواحد، وتشابه المحتوى، وغياب الآراء والمناقشات المعارضة، وسياسة التحرير الأحادية.

  • الهيكل التنظيمي على شكل معيّن

هناك ثلاثة مستويات: مستوى ضمان التحكم والرقابة، ومستوى القيادة التي تُصدر الأوامر ومستوى ثالث للقائمين على تنفيذ هذه الأوامر. لا تتركز المسؤوليات في قمّة الهرم، بل تكون موزعة. في الواقع، يقوم الرئيس التنفيذي للمؤسسة ورئيس التحرير بتفويض هذه المهام إلى رؤساء الأقسام الذين يختارون وحدهم مساعديهم ومحتوى صفحاتهم التي ينشرونها. ويعمل كل فريق تحرير، مؤلَّف من أشخاص متعدّدي المَهام أو التخصصات، على نحو مستقلّ.

المزايا: وجود محتوى متنوّع، ومنافسة داخلية صحية، وارتفاع مستويات الأداء، وتوفر درجة عالية من الخبرة.
العيوب: العمل خلف أبواب مغلقة، والإفراط في التخصّص، وغياب الأفكار القابلة للتطبيق على الجميع، فضلاً عن سيطرة الطابع النخبوي.

تذكير مفيد: تكمن جودة المنظومة في كفاءة الأشخاص الذين يديرونها.