تجنب الأحكام الضمنية
حتّى القصص الإخبارية الأكثر واقعية ليست بمنأى عن المزج بين الرأي والوقائع الحقيقية. يكفي استخدام اسم، أو فعل، أو صفة بطريقة متعمّدة أو دون قصد، أثناء سرد الأحداث، من أجل توجيه حُكم القارئ نحو تفسير معيّن.
فكتابة “الجنرال قيصر…” لا تعادل كتابة “الناشط قيصر…”. فالقول إنّ قيصر جنرال هو بمثابة ذكر حقيقة موضوعية. غير أنّ وسمه بصفة الناشط يعني بلورة حكم معيّن عبر المزج بين الحقيقة والرأي.
لذا، يعد اختيار الكلمات أمرأ في غاية الأهمية.
تأكد دائماً من استخدام الكلمة الصحيحة أثناء السرد. ونقصد هنا بمفهوم “الكلمة الصحيحة” أنها الكلمة المعبرة دون وجود أي نية سيئة من ورائها.
التمييز بين الرأي المفترض
أي صحافي جدير بحمل هذا الاسم يناضل في سبيل حرية التعبير. فهو يطالب بها للآخرين، إذاً، من الطبيعي أن يكون أوّل من يمارسها بطريقة عملية. من جهته، ينتظر قارئو الصحيفة من المراقب المهني الذي يُطلعه على الأخبار أن يتشارك معه بولاء وجهة نظره الشخصية حول الشؤون الراهنة. التعليق هو نوع طبيعي من أنواع الصحافة. لكن إذا كان الصحافي يدافع عن القيم، فإنّه ليس مناضلاً بالمعنى السياسي للكلمة. هناك طريقة جيدة واحدة كي نضمن للقارئ نزاهة معالجة “الأخبار”: الفصل بين الكتابة عن الوقائع والتعبير عن الرأي. ويكون الفصل بين هذين العنصرين في الصفحة. من الناحية الفعلية، يُفضل صياغة مقاليْن، واحد مخصص للوقائع وآخر للتعليق على هذه الوقائع. ومن الناحية البصرية، يجب استعمال خطوط وأساليب مطبعية مختلفة في المقاليْن. كما يجب تسليط الضوء على الاختلاف في التصميم: نحدد الوقائع أولاً، يتبعها التعليق، نستخدم عنواناً رئيسياً للوقائع وعنواناً فرعياً آخر ملحق من أجل التعليق.
تنسيق التعليق هام للغاية.
التعليق عبارة عن مقال يحتوي على سرد الوقائع. ومع ذلك، ليس لجميع المقالات نفس التأثير. هذا الأمر صحيح في ما يتعلق بالتعليقات: فبعض التعليقات هدفها الفهم والتنوير والأخرى تنقد الأوضاع.
أشكال التعليقات الثلاثة
يُفضل في مقال الرأي بشكله القصير استخدام روح الفكاهة من أجل التعليق، سواء كان النقد خفيفاً أو لاذعاً. كلّما كان التعليق موجزاً بدرجة أكبر، كان وقعه أقوى وأشد تأثيراً: “قال يوليوس قيصر وهو يحطّ رحاله في بريطانيا: لست زورو…”. في الواقع، هو يتصرّف كأتيلا…”
المقالة الافتتاحية، بشكلها الأطول، تكون أكثر ملائمة لشكليْن آخريْن من التعليق: فهي توفر للقرّاء فرصة للمناقشة أو إصدار حكمهم.
الافتتاحية التحليلية هي عبارة عن مقالة شديدة التنظيم، “جملة جذب الانتباه” بها تسترعي الانتباه وخاتمتها مؤثرة بدرجة كبيرة: “يرتكب يوليوس قيصر ثلاث أخطاء إذ يحطّ رحاله في بريطانيا، أوّلاً، هو ينتقص من تأثيرات الشاي الإنجليزي على معنويات جنوده؛ ثانياً، هو يرتكب خطأً فيه الكثر من التبجح: الإنجليز ليسوا الغاليين. ثالثاً، هو يأخذ على عاتقه مخاطرة كبرى على صعيد السياسة الداخلية. فهو من خلال عبوره المانش دون إذن من مجلس الشيوخ، يعطي مبرّراً للانتقادات التي يوجّهها في روما مَن يتّهمونه بتقليد الإسكندر الأكبر. سينتهي به الأمر إلى الاغتيال!”
تطلق الافتتاحية العاطفية العنان للمشاعر والظهور على السطح. فهي تنتقد أكثر مما تقدّم الحجج: “يوليوس قيصر ليس سوى مخرّب. احملوا أسلحتكم أيها المواطنون.”
يتحمل الكاتب والصحيفة المسؤولية القانونية عن محتوى المقالة الافتتاحية
يوجد دائماً في الجزء العلوي أو السفلي من الافتتاحية توقيع كاتبها من باب الشفافية واحترام القارئ. تقع المسؤولية المباشرة عن مضمونها على كاتبها، ومع ذلك، يضطلع مديرو ورؤساء تحرير الصحيفة بالمسؤولية أيضاً عن نشر هذه الافتتاحية.
في حال وجود محررين اثنين في غرفة الأخبار يتبنيا رأيين متعارضيْن لا يمكن التوفيق بينهما عند كتابة تعليق معيّن، فلا يوجد أي عائق يمنع نشر مقاليْن افتتاحييْن بشكل متوازي يدعمان وجهتيْ نظر متعارضتيْن. سوف يقدّر القارئ هذا الأمر.
إنّ المقالة الافتتاحية التي لا تحمل توقيعاً تعبّر دائماً عن موقف الصحيفة التي تنشرها وبالتالي يتحمّل مديرو الصحيفة المسؤولية الكاملة.