احترام الوقائع التي يتم ملاحظتها… ولكن مع توخي الحذر
إنّ احترام الوقائع الملحوظة لا يعني مجرّد سردها بدقّة. بل يعني كذلك وصفها بحسب تسلسلها الزمني، ووضعها ضمن سياقها الصحيح، ومحاولة تفسير الأسباب الكامنة وراء حدوثها، وعرضها بشكل متّسق إذا دعت الحاجة لذلك. يتطلب هذا الأمر توفر الملاحظة الفعالة والنشطة للوقائع، عوضاً عن ملاحظتها بصورة سلبية.
إنّ بعض الوقائع، في حال تمّ عرضها في ظل غياب حسن التمييز وخارج السياق الذي وردت فيه أو تحت وقع انفعال معيّن، قد تكون كاذبة إذا لم تكن تشكّل سوى جزءاً من الحقيقة. في حال الشك، يجب أن يُقِرّ الصحافي النزيه بخطأه: لا نعرف بالتحديد ماذا حدث.
احترام إفادات شهود العيان… دون اعتمادها أو التصديق عليها
لا يقتصر احترام الإفادات التي تمّ الحصول عليها فقط على كتابتها دون إفسادها. يتعدّى ذلك ليشمل توضيح الظروف التي رافقت الحصول على هذه الإفادات أو طلبها، فضلاً عن تحديد هوية شهود العيان، وشرعية أقوالهم أمام القارئ. في حال ترافقت الإفادات مع فرضيّات، لا يجب على الصحفي إعطاء القارئ الانطباع بأنّه يُكرّر هذه الإفادات وكأنّه قد تبنى روايته ووجهة نظره.
ومع أنّ بعض الغموض قد يرفع أحياناً من قيمة النصوص، يعد اتخاذ بعض الاجراءات الاحترازية ذات الصلة بالأسلوب ضرورياً لتفادي مثل هذا الغموض: بحسب شاهد العيان… يقول هذا الشاهد أنه… السيد فلان رأى كل شيء: “كنتُ متواجداً في المكان” على حدّ قوله… “لقد رأيتُ…”.
احترام الآراء ووجهات النظر… دون تبنيها أو التصديق عليها
ينقل الصحفي كافة الآراء، حتى تلك التي لا ترضيه، غير أنّه لا يتبناها أو يقوم بالتصديق عليها. يجب معالجة “الأخبار” الواردة من مصادر مؤسسيّة (النشرات الصحفية، أو التصريحات الإعلامية، وغيرها) بنفس الحيطة والحذر تماماً كتلك الأخبار الواردة من أي مصادر أخرى.
ينتظر عامة الناس من الصحفي أن يفسّر لهم “لماذا” و”كيف” يريد الأشخاص الذي يصدرون الأخبار أن يتم نشرها على العامة، علاوة على نواياهم من هذا الأمر. يجب دائماً إبراز أن هذا الكلام منقول عن شخص ووضعه بين علامتي اقتباس وكذلك عرضه بشكل مناسب (عنوان عريض، مقدمة تفسيرية، وغيرها) كي لا نعطي انطباعاً بأنّ الصحيفة تتبنى رأي المصادر الرسمية.
في حال أصدر الناطق الرسمي تصريحاً رسمياً بالنيابة عن يوليوس قيصر تحت عنوان: “قيصر يحطّ رحاله في إنجلترا لمصلحة الإنجليز“، فيجب نشره تحت عنوان أكثر حيادية. على سبيل المثال، وضع ما قاله بين علامتيْ اقتباس لإظهار أنّ هذا التصريح يعود فقط لقيصر وليس للصحيفة التي قامت بنشره: قيصر يؤكّد أنه حطّ الرحال في إنجلترا “لمصلحة الإنجليز”.
القاعدة الذهبية: الاحتفاظ بمسافة مع الجميع
يقتضي “المنهج الصحفي” السليم الاحتفاظ بمسافة مع المظاهر ومشاعر الآخرين وانفعالاتك الذاتية وعدم التأثر بها. يعني هذا أن يضع الصحفي نفسه مكان القارئ ويطرح على نفسه السؤال التالي: هل ما أكتبه والرسالة التي أود نقلها ستكون مفهومة بشكل جيد من قِبل القرّاء؟
يجب عليك، إذا ساورك أدنى شكّ في النص الذي تكتبه، إعادة كتابة النص أو تصويبه.