الصفحة المبنية بشكل جيّد عبارة عن تحفة يُعطي تكوينها الهندسي، للوهلة الأولى، انطباعاً بأنّ العمل متوازن ومتناغم.
الصحافي الذي يقوم بعملية تصميم الصفحات هو مهندس تصميم داخلي أكثر منه رسام. فهو يمارس موهبته ضمن الإطار المستطيل الذي يفرضه شكل الصفحة. هو يقوم بالعمليات التقنية اللازمة ليضمنَ أن يُحدث تنظيم العنصر الرئيسي والعناصر الثانوية أفضل تأثير بصري ممكن.
يجب الوصول إلى حالة توازن على مستويين.
ينبغي تحقيق توازن عام في الصفحة بين المساحات البيضاء والمساحات السوداء: أي بين المساحة البيضاء التي تُظهر الورق والمساحة السوداء المغطاة بكمية النصوص المكتوبة. إذا كان هناك الكثير من المساحات البيضاء، لن تكون هناك مساحات كافية للقراءة. وإذا كان الأسود طاغياً، تصبح الأشياء الواجب قراءتها مضغوطة كثيراً وبالتالي تُمسي قراءتها صعبة. النسبة المضغوطة: 3/4 الصفحة سوداء، 1/4 الصفحة بيضاء. النسبة المثالية: 2/3 أسود، 1/3 أبيض. النسبة الفنية: 3/8 أبيض، 5/8 أسود.
التوازن الخاص، هو ذاك الذي يكون داخل الكتلة السوداء، قائماً من جهة بين العنصر الرئيسي والعناصر الثانوية، ومن جهة أخرى بين مختلف العناصر الثانوية. إنّ بروز العنصر الرئيسي لا يجب أن يطغى على العناصر الأخرى أو أن يطمسها.
يقوم مصمم تكوين الصفحة بحلِّ هذه المشكلة من خلال العمل على ما يلي:
- هوامش الصحفة المحيطة بالمساحة المطبوعة
- عدد الأعمدة في الصفحة وعرضها.
- الخطوط المتوفرة لكتابة النصوص
- حجم ووزن الأحرف المستخدمة لكل مقالة وعنوان
- طول الأسطر
- المسافات المتروكة بين الكلمات وبين الأسطر وبين الأعمدة.
يقوم مهندس تكوين الصفحة بوضع مسودات باستخدام عمليات محاكاة. لديه نماذج مختلفة متاحة كما يمكنه كذلك تفصيل النماذج كما يتراءى له. في ما يتعلق بالتصميم، هناك تقاليد وعادات واستعمالات عديدة، لكنْ ما من قاعدة مطلقة باستثناء قاعدة المنطق والذوق الجيدين.
تسليط الضوء على الموضوع الرئيسي.
الموضوع الرئيسي هو محور كل صفحة وقلبها وتركيزها. هناك موضوع رئيسي واحد في كل صفحة. وهو الذي يحتلّ الموضع الأكثر وجاهة: أعلى الصفحة. كما يتميز بالعنوان الأكبر حجماً. أما توزيع النصوص الأخرى على الصفحة، فهو رهن بالشكل، وقوة تأثير العنوان، والرسوم التي قد ترافقه. غير أنّ سيطرة العنصر الرئيسي لا يجب أن تطمس أو تطغى على المقالات الأخرى التي لديها كذلك أهمية كبرى بشكل مستقل. يسعى المهندس الذي يضع التصميم إلى إيجاد أفضل مزيج. ينصبّ تفكيره على النِسَب الواجب توافقها ضمن إطار محدد.
محاولة الوصول إلى النسب المتناغمة.
إنّ مسألة معرفة الطريقة الأمثل لإحلال التوازن بين أقسام مجموعة معينة في ما بينها ومع هذه المجموعة قديمة قدم الرسم أو الموسيقى. في الواقع، يستلهم الفن الهندسي المتعلق بالتصميم من النِسَب المتناغمة المستخدَمة في الفنون الأخرى.
يتجنب التناغم المطبعي آثار التماثل عن طريق استخدام قاعدة 4-2-1: عندما يحظى الموضوع الرئيسي بعنوان يمتد على أربعة أعمدة في أعلى الصفحة، يقضي الاستخدام الشائع بألاً يكون هناك في الصفحة نفسها بين العناوين الأخرى أي أعمدة ثلاثية الصيغة من شأنها أن تطغى على الموضوع الرئيسي. في المقابل، يمكن أن يتضمّن قلب الصفحة عدة عناوين ممتدة على عمودين أو عمود واحد.
يتجنب التناغم المطبعي الازدحام البصري عن طريق استخدام قاعدة 6-3-2: عندما يُخصّص للموضوع الرئيسي عنواناً على ستّة أعمدة في أعلى الصفحة، يقضي الاستخدام الشائع بألاّ يكون هناك بين العناوين الأخرى في الصفحة نفسها سوى مقال يمتد على ثلاثة أعمدة، ويُفضّل أن يكون في أسفل الصفحة، في حين أنّ قلب الصفحة قد يحتوى على عدة عناوين ممتدة على عمودين.
النسبة الذهبية.
تقضي الطريقة المثلى لإضفاء التناغم التناسبي على بناء التصميم بتقسيم الصفحة إلى أربع مساحات من خلال استعمال النسبة الذهبية القديمة (1.618 تقريباً). كي تكون هذه المساحات، على حد تعبير عالِم الرياضيات اليوناني أقليدس، “متناسبة وفق المنطق الأقصى والمتوسط” مع بعضها البعض.
الحساب سهل مهما كانت أحجام الصفحة (أنظر المرفق):
نقسم عرض الصفحة (W) على النسبة الذهبية:
عرض الصفحة ÷ 1.618 = x
نطرح الناتج من العرض (W):
عرض الصفحة – x = y
نقوم بقياس القيمة “y” من العرض العلوي للمستطيل (AB)، عن طريق العمل على نحو مفضّل، انطلاقاً من الزاوية العليا اليمنى (B) للمستطيل.
تشير هذه القيمة “y” إلى موقع النقطة P1 على عرض (AB) للمستطيل.
انطلاقاً من النقطة P1، نقوم برسم خط عمودي يقسم الصفحة إلى أقسام غير متساوية ولكن باستخدام “النسبة الذهبية”.
نتّبع الطريقة نفسها مع ارتفاع (H) الصفحة حتّى تقسيم الصفحة أفقياً من خلال النقطة P2 التي جرى قياسها عبر الزاوية اليمنى الدنيا (C) للمستطيل.
بهذه الطريقة، تُقسم الصفحة إلى أربع مساحات مستطيلة مختلفة تشكّل مجموعة من النسب المتناغمة التي تجمع بين البساطة والوضوح والتنوّع.
يُمكن تقسيم كلّ واحدة من هذه المساحات الأربع إلى أقسام فرعية عند الحاجة من خلال استخدام طريقة الحساب نفسها. يسمح هذا الإطار المثالي بإجراء الكثير من التعديلات أفقياً وعمودياً، بما في ذلك عمليات القطع “التدريجية” على مستوى الأعمدة ومواقع المقالات بين مساحتيْن.
تذكر أن:
- انتبه إلى اختيار الخطوطالبساطة أولاً: إنّ فرط التنوّع المطبعي يُتعِب العين التي تقرأ. يجب التقيد بخطّيْن: خط من نوع serif، على طراز مجلة Times، للنصوص، وآخر sans-serif، مثل Helvetica، للعناوين الرئيسية والفرعية. اللعب على الخط العادي، والسميك، والمائل وفقاً للأنواع.
- انتبه إلى محتوى فقرات المقدمةلا تعد الفقرة الافتتاحية هي بداية المقالة. إنها عبارة عن تمهيد قصير جرتْ صياغته لعرض المقالة “المرفقة بتوطئة” ولحثّ القارئ على قراءته دون فضّ محتواه.
- انتبه إلى “التتمّات” لا نقطع النص بشكل عشوائي، بخاصة في منتصف الجملة – حتى لو كان النص وارداً في “الصفحة الأولى” – عندما تكون التتمّة في صفحة تفصلها عدة صفحات عن الصفحة التي ترد فيها المقالة. لا تدع القفزات تؤثر على مدى سهولة وسلاسة عملية القراءة.
من مصلحة الفِرَق التحريرية القادرة على وضع تصميمات محددة واحترامها الاضطلاع مباشرة بمَهمة رسم النماذج وعمليات المحاكاة ونقلها إلى الأمانة التحريرية بغية وضعها حيّز التنفيذ والتحقّق منها.