تُعتبَر إعادة قراءة النصوص وتدقيقها واجباً فاضلاً:
لا يجب أن يصدر أيّ نص قبل إعادة قراءته، وعند الحاجة، تصحيحه من قِبل شخص غير كاتبه.
المصحّحون المهنيّون في طريقهم إلى الانقراض هذه الأيام. نأسف لذلك لأنّ ما من برنامج تصحيح إلكتروني سيحلّ محلّ نظرة رئيس العمال، وهو الاسم الذي كان يُطلَق في السابق على رئيس المصحّحين. في أيامنا هذه، يترتّب على الفِرَق التحريرية أن تنظّم بنفسها إعادة قراءة النصوص وتصحيحها قبل نشرها. ما من خروج عن هذه القاعدة: أيّ كانَ كاتبُ المقال – متدرّب أو مدير الصحيفة – لا يُمنَح أيُّ مقال حقّ النشر قبل خضوعه للتدقيق وإعادة القراءة الناقدة.
يزوِّد تنظيم سلسلة الإنتاج المُراعية لجودة النصوص المنشورة بمستوييْن من إعادة القراءة: في البداية، حيث تتمّ صياغة المقال (القسم أو الفرع) وفي النهاية، في المكان الذي تتمّ فيها المصادقة على المقال قبل وضع التصميم المناسب له (رئاسة التحرير أو أمانة التحرير). النظام الأكثر منطقية هو الذي ينظِّم تقاسُم إعادة قراءة النصوص بين رؤساء الأقسام ومعاونيهم.
التدقيق وإعادة القراءة هي القيمة المضافة الأخيرة.
يتم من خلال عملية التدقيق وإعادة القراءة تصحيح أي أخطاء نحوية وأخطاء الكتابة وتصويب أي أجزاء بها لبس أو حشو زائد، وإعادة كتابة الفقرات المصاغة بشكل ضعيف، والتأكد من عدم وجود أي أخطاء إملائية ومن استخدام المصطلحات بشكل متسق وغيرها من الأمور المتعلقة باللغة. على سبيل المثال: “يقوم قيصر بحل (وليست معالجة) مشاكله المادية في حين يتغلب بريتانيكس على مشكلة نقص الشاي (وليس افتقاد…) عن طريق شرب الجعة. يُفترَض بقيصر (يقصد قيصر) إقناع بريتانيكس، لكنّ هذا الأخير عاقل بما يكفي لعدم تكرار أخطاء فرسينجيتوريكس (نقول “يكرّر” فقط لأنّ استعمال عبارة “يكرّر من جديد” هو بمثابة حشو) وغيره من الأمثلة.
يقوم التدقيق وإعادة القراءة بإضفاء لمسة جمالية على النص عن طريق حذف أي جمل ضعيفة، والتحقق من تطبيق قواعد علامات الترقيم بطريقة صحيحة، واستبعاد أي جمل نمطية أو مسح أي عبارات انفعالية. على سبيل المثال، يجب التوقف عن استخدام تعبيرات مثل “قلب الصفحة” أو “دفن رؤوسنا في الرمال” أو “إخفاء التراب تحت السجاد”. كما يجب التوقف عن استخدام الأقواس وعلامات التعجب بشكل مفرط. وعندما يتعلق الأمر باستخدام النقاط المتتابعة، فيجب التأكد من أنها ثلاث نقاط فقط…
تؤدي عملية التدقيق وإعادة القراءة إلى تحسين النص عن طريق استبعاد العبارات الركيكة والتكرارات، واستبدال الكلمات غير المناسبة بأخرى سليمة وملائمة، واستخدام كلمات تؤدي المعنى المطلوب وليست مجرد كلمات جوفاء خالية من أي معنى، والاستفادة من ثراء وغنى اللغة بالمرادفات المتنوعة والتعمق فيها لتحويل الكتابة النمطية المكررة إلى سرد أنيق للموضوعات يساعد على جذب القراء. على سبيل المثال: “الخالط” ليس “الخلاّط“، و”المعجزة” ليست بالضرورة “أعجوبة“، وقد يكون هناك “تمايل” دون “إمالة“، غير أنّ “إزالة الغموض” تختلف عن “إزالة اللبس“، بين أيدي الكاتب.
الخلاصة: القاموس هو الصديق المفضّل للصحفي. يفرض وجوب إجراء التدقيق على المحرّرين استعمال القواميس يومياً.
يجب أن يكون في متناول كل فريق تحريري على الدوام قاموساً بالأسماء الشائعة، وآخر لأسماء العلَم، وقاموساً خاصاً بالمقولات، وقاموساً للمرادفات، وكتيباً حول الصعوبات المتعلقة بالنحو وببناء الجُمل. وفي ما يتعلق باستخدام اللغة، يتضمن موقع قاموس Oxford English Dictionary على الويب نطاقاً واسعاً من الأمثلة توضح بكيفية استخدام الكلمات في اللغة الإنجليزية.
يحقّق الكتّاب دوماً مكاسب مهنية جرّاء التهذيبات الشكلية التي يقومون بها. فهُم يقبلون عن طيب خاطر التدخلات التصحيحية. غير أنّه ينبغي على التهذيبات هذه الحرص على الأخذ بالحسبان شدّة حساسية الكتّاب أو غرورهم: من هنا، يجب إعطاء الملاحظات حول الأخطاء المُرتكَبة بنبرة تودّدية، وليس بالسخرية، كما أنّه يجري إعطاءها في السرّ، وجهاً لوجه.
التدقيق لا يعني إعادة التفسير.
قد تطرح عملية تدقيق نص معيّن، بالطبع – وراء الأسئلة ذات الصلة بالشكل – لدى مَن يعيد قراءته، أسئلة حول المحتوى. فقد يَدفع ضعف شهادة ما أو حجة معيّنة برئيس القسم أو رئيس التحرير إلى الشك في مزايا التحليل أو التفسير. من هنا، تواجهنا حالة تتطلّب فيها المعالجة مهارة معيّنة، ذلك أنّ عملية التدقيق تحترم إنتاج وجهد الكاتب. فاللمسات التي يقوم بها الشخص الذي يقوم بالتدقيق من أجل تحسين النص لا تخون أبداً معنى النص ولا أسلوب كاتبه. بما أنّ الصحافة تفترض العمل ضمن فريق، تجري مناقشة حذف الأجزاء الزائدة وعملية التدقيق والاتفاق عليها. ويتمّ ذلك من خلال اتفاق مشترك بين مؤلّفي النصوص ومَن يعلوهم رتبة.
عندما تكون حسن النيّة موجودة لدى الجميع، تجري التعديلات بطريقة سلسة. في هذا المجال، تُعَدّ الأعمال المفروضة من الإدارة العليا غير مُنتجة.
القيمة المضافة التي تؤمّنها عملية التدقيق هي قيمة دائمة التطوّر
إنّ كل اللغات الحيّة تتطوّر. على مدار العشرين عاماً الماضية، تغيرت اللغة الإنجليزية بطرق متعددة. وبما أن الإنجليزية لغة وصفية، لا توجد أي تنبيهات أو إشعارات تشير إلى مثل هذه التغييرات. وبالرغم من ذلك، يجب أن يسعى الصحافي الجيد كي يتأكد من اتباع هذه الاتجاهات. بالإضافة إلى تعلم كيفية تحقيق أقصى استفادة منها.