الأسئلة البديهية تفضي إلى معلومات بديهية
الدور الأساسي الذي يجب على الصحافي القيام به هو منح القارئ الإجابات على الأسئلة التي تتبادر إلى أذهان الجميع فور وقوع حدث ما. هذه الأسئلة دائماً ما تكون متشابهة على الدوام، وتستتبع دائماً الإجابات عينها. حيث تتفاوت أشكال الصحافة الأساسية فقط بحسب عدد عناصر الإجابة.
الإعلام يعني نشر المعلومات
هناك دائماً أربعة أسئلة أساسية: مَن؟ ماذا؟ أين؟ متى؟ وتكون إجابة الصحافي بسيطة بقدر بساطة جميع هذه الأسئلة. فهي تتضمن جملة مؤلّفة من موضوع (مَن؟)، وفعل (ماذا؟)، وظرف المكان (أين؟)، وظرف الزمان (متى؟). مثال: حطّ يوليوس قيصر رحاله صباح يوم أمس في بريتاني.
السرد هو توفير المعلومات عن طريق رواية الأحداث
الموجز هو الصيغة التي تقدم الحد الأدنى من المعلومات. جملة واحدة تكفي: حطّ يوليوس قيصر، قنصل روما في الغال، رحاله في بريطانيا صباح يوم أمس، نحو الساعة السادسة والنصف، وسط طقس ضبابي وبحر هادئ، بعد أن كان اجتاز بحر المانش، على رأس فيلقيْن وكتيبة من الخيالة الجرمانيين الذين ما لبثوا أن ساروا في طريقهم إلى لندن، بمشية قسرية، دون مواجهة أدنى مقاومة من قِبل سكان القرى التي عبروها.
يفرض هذا النوع المعلوماتي أعلى درجات البساطة أثناء الكتابة. نصيحة: تجنّب استخدام ظروف الحال والصفات.
القصة هي الصيغة التي تقدم الحد الأقصى من المعلومات. فهي عبارة عن العرض المفصّل لسلسلة من الأحداث المرتبطة ببعضها بحسب التسلسل الزمني أو المنطقي، وهدفها نقل ما نعرفه عن الحدث من معلومات إلى الجمهور بأوضح ما يكون. وكل مايحتاج الصحافي إلى فعله هو إضافة جمل بسيطة: حطّ يوليوس قيصر رحاله في بريطانيا صباح يوم أمس، على رأس فيلقيْن وكتيبة من الخيالة الجرمانيين. كانت الساعة السادسة والنصف عندما وطأت قدم القنصل الروماني شاطئ دوفر بعد اجتيازه بحر المانش ليلاً. كان الطقس ضبابياً والبحر هادئاً. وقد أحصى الحرّاس البريتون الذين أعطوا الإنذار نحو خمسين مطبخاً للسفينة وحوالى مائة سفينة لنقل الجنود… إلخ.
تنتمي كافة أشكال السرد إلى هذا النوع الإعلامي: التقرير، والمعالجة العادية للأحداث المتفرقة والإعلان عن الأحداث.
التقرير الصحفي هو توفير المعلومات الأخبار عن طريق الأوصاف
إن التقرير الصحفي هو الصيغة التي تقدم القدر الأمثل من المعلومات. فهو عبارة عن “قصة” يصحبها وصف الأحداث التي يتم تقديم التقرير عنها. يُضفي ذلك الوصف على عرض التفاصيل كل ما يميّزه من: ألوان، وأصوات، ومشاعر، ومشاهد مأخوذة من الحياة، ومشاهد الوفاة، وغيرها. تتيح التقارير الصحفية للقارئ تشكيل صورة معينة في ذهنه. فاللجوء إلى ظروف الحال، والصفات، والأشياء التي نشاهدها ونسمعها تضفي على الأحداث المزيد من الواقعية.
حطّ يوليوس قيصر، في موقف مشهود، رحاله في بريطانيا صباح يوم أمس. كان يرتدي المعطف العسكري، حليقاً عن قرب، ومتعطّراً بماء كولونيا. كان درعه يلمع تحت الشمس الحارقة. وبحسب الحرّاس البريتون الذين أعدّوا تقريراً حول المشهد، فقد أعلن القنصل الروماني الذي بلغ لتوّه شاطئ دوفر، بنبرة سعيدة، ما يلي: “هكذا شاء القدر… يا الله”
مهما كان طول المقالة، فإنّ كلّ الأوصاف تُعَدّ بمثابة تقرير صحفي.
الأسئلة الإضافية تعني إجابات مكمّلة
بناء على الأحداث التي تقع، هناك أحياناً سؤالان إضافيان هما: كيف؟ لماذا؟ تُطرَح مثل هذه الأسئلة عندما لا تكون الأحداث مفهومة بشكل بديهي. ومن أجل فهم الأحداث بشكل أفضل، يُضمِّن الصحافي بعض التوضيحات أثناء صياغة المعلومات.
الإعلام هو تقديم إيضاحات
إنّ الإجابة على سؤاليْ “كيف” و”لماذا” حول الأحداث التي يتم متابعتها، تعني إعطاء المعلومات بشأن أصل الأحداث، ودوافعها، والأسباب التي تقف وراءها. يعني هذا مراقبة الأحداث عن قرب، ووضعها تحت العدسة المكبرة، واكتشاف طبيعتها الحقيقية التي تختفي خلف مظهرها الخارجي، ومعرفة معناها الحقيقي.
التحقيق الصحفي هو تفسير الأحداث عبر التحليل
التحقيق الصحفي هو عبارة عن شكل إعلامي تحليلي. الهدف منه هو إدراك الناس للحقائق. يتضمن هذا الشكل تجزئة الأحداث إلى عناصرها المكوّنة. هل حطّ يوليوس قيصر رحاله صباح يوم أمس في بريطانيا؟ يجمع الصحافي المحقِّق كافة المعطيات المتوفّرة ثمّ يفسّر ما هي أو ما قد تكون نوايا القنصل الروماني وكيف استعدّ ليحطّ الرحال، وما هي القوى التي يتمتّع بها، وما هو أو قد يكون مخططه لشنّ المعركة، إلخ. يفترض هذا العمل التحليلي معرفة جيّدة بالموضوع الواجب معالجته، وتوثيقه بطريقة مناسبة، والحصول على مصادر موثوق بها، وتفاصيل دقيقة من شهود عيان، وتخصيص وقت للتفكير. قد لا يعطي التحقيق التحليلي أحياناً تفسيراً لبعض الأمور المعينة بسبب وجود معطيات غير ظاهرة، أو غير واضحة المعالم، أو مخفيّة عن عمد. وفي مثل هذه الحالات، يقوم الصحفي بأبحاث تتخطى المعطيات المعروفة. هذا ما يُعرَف باسم التحقيق الإستقصائي، وهو الشكل الإعلامي الأكثر عمقاً.
المقابلة هي توضيح الأمور مع الحثّ على التحليل
المقابلة عبارة عن عملية تحليلية تتضمن تبادل الأدوار. عندما لا يكون الصحافي قادراً بنفسه على تقديم التفسيرات التي ننتظرها منه، يطلب رأي خبير متخصص في هذا المجال. حطّ يوليوس قيصر للتوّ رحاله في بريطانيا! أنت الذي تعرف حقّ المعرفة، سيدي قنصل روما في الغال، هل تستطيع يا سيد بروتوس، أن تفسّر لنا لماذا؟… المقابلة التي تُنشَر على شكل طرح أسئلة وتلقي الإجابات هي الأكثر وضوحاً وتنويراً.
الإعلام هو تقديم التفسيرات
عندما يخلّف السرد والوصف والتحليل بعض الغموض بشأن الأحداث الملحوظة، يستطيع الصحافي أن يلعب دور مفسِّر الحقائق: في ظلّ انعدام القدرة على عرض تفاصيل الوقائع تماماً كما جرت في الواقع، يسعى الصحافي إلى فكّ رموزها عبر الأجزاء المتوفّرة لديه.
التعليق هو التفسير المصحوب بالتقييم
هناك طُرُق عدّة تتيح للصحافيين مشاركة الآراء الشخصية مع القرّاء، لكنّها تُعَدّ كلّها أشكالاً من أشكال التعليق: مقالات الرأي، الأعمدة، الرسوم التوضيحية: هل حطّ يوليوس قيصر رحاله في بريطانيا صباح أمس؟ نظراً إلى كون القوى التي ترافقه كبيرة جداً. من المستبعَد أن يكون قنصل روما في الغال قد اجتازَ المانش لمجرّد القيام بزيارة سياحية…يعود الأمر إلى القارئ فهو مَن يحكم على مدى ملائمة التفسير.
الافتتاحية هي التفسير مع استخلاص النتائج
إذا قام الصحافي، بعد الانتهاء من طرح أفكاره الشخصية، بإصدار أحكام ذات قيمة على الأحداث التي تابعها وحلّلها وقيّمها، يكون بالتالي قد قام بصياغة مقالة إفتتاحية: حطّ يوليوس قيصر رحاله في بريطانيا. فليحمِ الله الملكة. يتمتّع القارئ بحرية تبني وجهة النظر هذه من عدمه، غير أنّ ذلك يعطيه على كل حال فكرة واضحة حول فكر كاتب المقالة الإفتتاحية ويشكّل معلومة بحدّ ذاته.