ينبغي احترام الحقيقة
من أجل احترام الحقيقة، يجب إيلاء اهتمام دقيق إلى واقع الأحداث. فالأحداث التي نشاهدها، ولو كان ذلك بأمّ العين، قد تكون مضلّلة. من هنا، ينبغي التعمّق في فهم ما نلاحظه كي لا نخطئ بشأن تفسير المغزى الدقيق لهذه الملاحظات.
مثال: أرى رجلاً يضرب آخراً في الشارع. يبدو المشهد واضحاً دون الحاجة لأي تفسيرات: هناك مُعتدي وضحية تم الاعتداء عليها. لكن أليس هناك شيء آخر يختفي خلف مظاهر هذا المشهد؟
عملية التحديد
ينبغي اتّباع إجراء منهجي لتحديد الحقيقة وراء الوقائع التي نشاهدها من أجل الكتابة عنها بأكبر قدر ممكن من الصدق.
عندما تكون مشاهدة الوقائع مباشرة، ينبغي:
- أن نُبقي نصب أعيننا أنّ ما نراه ليس سوى جزءاً من الحقيقة الكاملة
- أن نطرح أسئلة حول المعنى الحقيقي وراء هذه الوقائع التي نشهدها
- أن نعقد مقارنة بين مشاهداتنا ومشاهدات شهود العيان الآخرين (“هل رأيتم ما رأيت؟ لست متأكداً من أنّني ألقيت نظرة فاحصة: ماذا رأيتم؟”)
- ترتيب الوقائع وفقاً لتسلسلها الزمني
- وضع الوقائع في سياقها الصحيح
- كتابة وصياغة الوقائع دون الانتقاء من بينها أو بترها أو تأويلها حسب الأهواء
- مطالبة شخص آخر بتدقيق مقالنا للتأكد من أنّ محتواه لا ينتج عنه فهماً خاطئاً.
عندما تكون مشاهدة الوقائع غير مباشرة، ينبغي:
- التحقق من موثوقية إفادات شهود العيان
- التحقق من روايات شهود العيان من جهات مختلفة
- مطالبة المسؤولين الرسميين بإبداء وجهات نظرهم
- استخدم الصيغ الاحترازية: “وفقاً لبيان الشرطة…“، “بحسب شاهد العيان…“.
يجب السعي وراء الحقيقة
عندما تتعارض المصالح الفردية أو الجماعية مع عملية تحديد الحقيقة، يقضي الواجب المدني للصحفي بأن يبحث عن الحقيقة. غير أنّ البحث عن الحقيقة لا يبرّر اللجوء إلى أيّ نوع كان من الوسائل. فاحترام الخصوصية والكرامة الإنسانية يُعدّ من المعايير الرئيسية التي يجب اتباعها للوصول إلى الصحافة المهنية. على صعيد آخر، في المسائل ذات الصلة بشؤون المصلحة العامة، يكون السعي وراء الحقيقة هدفاً مشروعاً، لكنّ الصحافي ليس شُرطياً ولا قاضياً، وبالتالي تبقى وسائل التحقيق التي بحوزته محدودة. يجب أن يكون الصحافي على دراية بهذا الأمر ويقبله.
في كلّ مرة يحاول فيها شخص ما منعك من الوصول إلى الحقيقة عن عمد، فيجب محاربة محاولات التغطية وإخفاء الحقائق بسلاح الشفافية.
- طلب إيضاحات عن طريق البريد.
- توضيح الصعوبات التي تواجهك وعرضها أمام القرّاء.
- وضع أجندة تتضمن تفاصيل الأبحاث التي تقوم بها وتحديثها.
- الاحتفاظ بالأدلة والبراهين الدالّة على حسن نواياك.
- تصحيح أخطاءك.
- الاعتراف بالأخطاء التي ارتكبتها.
لا مكان للهواجس
في بعض الأحيان، قد يصبح البحث عن الحقيقة هاجساً يؤرق الصحافي لا سيما عند وجود الكثير من العقبات في طريقه. بالتالي، تنطوي الرغبة في الحصول على الحقيقة على خطر تشويه الحقيقة من قِبل الصحافي نفسه إذا كانت الحقيقة المُكتشَفة لا تتناسب مع تطلّعات القارئ. هذا الخطر قائم بالتحديد عندما ينسى الصحافي واجبه في البقاء على الحياد ويؤْثر فرضيّة معيّنة: إذا لم يُدرج الصحافي في مقالاته الوقائع التي اكتشفها عندما لا يُثبت هذا الاكتشاف طرحه، يكون الصحفي بالتالي غير نزيه. فلا توجد حقيقة مطلقة.