في الفترة الانتخابية كما في سواها من الأوقات التي تتخللها الأحداث الجارية، يمكن أن تكون المناقشة الإذاعية شديدة التناقض لكن هذا الأمر ليس منهجيًا. الهدف هو اقتراح طاولات مستديرة نقاشية، تنويرية وآراء مكملة حول موضوع معيّن يتعلق بفترة محددة من المناقشة العامة المحلية أو الوطنية. مثلًا: “الرؤساء التقليديون: ما هو تأثيرهم على الناخبين؟”، “لماذا قلّما نتكلم عن النساء؟”، “كيف نكافح الشائعات واستطلاعات الرأي الزائفة؟”، إلخ.
المناقشات التي تدور بين المسؤولين السياسيين والمرشحين أثناء الحملات الانتخابية هي من اللحظات التي يترقّبها الناس أشد الترقب. هذه المداولات يجب أن تسمح للجمهور بمقارنة الاتجاهات الكبرى والبرامج، وبتحاشي جوانب عدم الدقة قدر المستطاع، وبتلافي استخدام الكلام المراوغ. كما يجب أن تسهّل معرفة الجمهور بمختلف الشخصيات الحاضرة.
المناقشة، لأجل ماذا؟
- إحياء المناقشة العامة وتحدياتها الديمقراطية بالكامل.
- تحديد الأولويات التي تخدم المصلحة العامة، والأولويات المحلية والوطنية والعالمية.
- مساءلة قادة الرأي وأصحاب القرار حول المسائل المدنية.
- تقدير تعدد الآراء والتعبير.
- المساهمة في تربية المواطنين المدنية (لماذا وكيف نصوّت؟ معرفة قانون الانتخاب، دور المنتخَبين، الدستور، إلخ).
- معرفة توجهات المرشَّحين والأحزاب وبرامجهم، تسهيل الخيار للناخبين، وتقريب شخصية المرشَّحين.
- تقديم أسلوب بث شديد الحيوية يقدّره المستمعون.
ما هي المبادئ لإدارة مناقشة؟
- إعطاء الكلمة لكل الجهات الحاضرة.
- احترام التوازن و/أو الإنصاف، لا سيما عندما يتعلق الأمر بمرشَّحين للانتخابات.
- الالتزام بأقصى قدر ممكن من الحياد.
- السيطرة الدائمة على المناقشة.
- تطبيق القيود التشريعية/التنظيمية الانتخابية وضمان الامتثال لها.
المناقشة أمر يتم الاستعداد له…
- اختيار مواضيع تهم الجميع وتناسب أيضًا توقعات المواطنين. وللاقتراب من هذه الغاية، يمكن استخدام مختلف وسائل التفاعل في مراحل مبكرة (اتصالات هاتفية، شبكات التواصل الاجتماعي، مبادرات مدنية، منتديات مستمعين، إلخ) إضافة إلى نصائح اختصاصيي المجتمع المدني ومنظماته.
- جمع وثائق حول الموضوع المختار (من الاختصاصيين والزملاء ودائرة الصحافة، إلخ).
- حسن اختيار الضيوف بحسب معرفتهم، وخبرتهم، والتوازن بين الجنسين (يُعتبَر الفريق المؤلف من ثلاثة إلى أربعة أشخاص أمرًا ملائمًا). ضمن إطار مناقشة متناقضة، يجب التأكد بالطبع من اختلاف الآراء.
- من الضروري ان يتم نقاش مسبق مع كل ضيف (عبر الهاتف أو قبل الحلقة) من أجل جمع المعلومات التي ستكون مفيدة في سياق المناقشة أو التحقق منها، لكن أيضًا من أجل تنظيم المناقشة بشكل صحيح.
- تنفيذ إعلان (رسالة للترويج الذاتي) وإتقان الحلّة الصوتية (الفواصل، أغاني البرامج، إشارات البرامج، إلخ).
الحلقة الاذاعية الناجحة تستجيب لمبدأ بسيط ودقيق. بناءً على ذلك، لا يصلح خلط المناقشة والمقاطع التفاعلية مع المستمعين. ويجب مراعاة هذه القاعدة خاصة في المقابلات التي تتم “وجهًا لوجه” وفي غيرها من المقابلات “الثنائية” التي تجمع شخصين حول مواضيع مثيرة للجدل (مثلًا، “أيجب منع استطلاعات الرأي؟” أو “هل المعتقلون مواطنون كسواهم؟”). هذا ويجب أن تكون هذه المواضيع التي تلقى تقديرًا كبيرًا من المستمعين قصيرة (15-20 دقيقة) وثاقبة.
المناقشة هي مسألة إدارة الكلام…
- من خلال تحديد قواعد اللعبة للمشتركين منذ البداية: امتلاك المضيف مادّته، كياسة في تداول الحديث، احترام الحياة الخاصة، مسؤولية كل شخص القانونية والاجتماعية، إلخ.
- من خلال تهيئة أفضل الظروف النفسية والمادية والتقنية لتحقيقها: حسن الاستعداد في الاستديو، إطفاء الهواتف الخلوية، تجريب المذياع مسبقًا، وضع قنينة ماء على الطاولة، إلخ.
- من خلال عرض الموضوع وتقديم الضيوف في بداية الحلقة على أكمل وجه (المقدمة الناجحة تتراوح مدتها بين 50 ثانية ودقيقة ونصف).
- من خلال إيلاء المستمعين الأولوية وبشكل دائم.
- من خلال امتلاك فن المقابلة والبث المباشر (معرفة الإصغاء، إعادة إطلاق الكلام، التصحيح، المساءلة، إعادة تأطير الموضوع، المقاطعة، إلخ).
… لكنها لا تُخْتَتَم
ساعة التوقيت هي التي ترغم على إيقاف البرنامج الإذاعي. لذا لا فائدة من فرض خاتمة على المستمع من خلال إجراء جولة على الضيوف. في أغلب الأوقات، يكفي أن يقول الصحافي “شكرًا، وإلى اللقاء”. لكن الأمر يختلف في الطاولات المستديرة الانتخابية التي هي تمارين خاصة تلبّي ضرورات محدَّدة. يجب أن تراعي هذه البرامج الإذاعية الخاصة، التي تشكل جزءًا لا يتجزأ من الحملة الرسمية، قواعد صارمة ومتعلقة بتوازن الوقت الممنوح للكلام.